خلال الأشهر الماضية قامت شركة سبوتيفاي بالعديد من الصفات التي سببت الكثير من الضجة في عالم البودكاست.
أول صفقة جذبت اهتمام المتابعين لصناعة البودكاست كانت شراء شركة چملت ميديا (Gimlet Media)، في صفقة بلغ حجمها أكثر من 200$ مليون دولار. تأسس شركة چملت في 2014 على يد أليكس بلومبيرج. وهي صحفي سابق كان يعمل في شبكة NPR المعروفة بإنتاج العديد من برامج الراديو. حيث ركزت چملت على إنتاج برامج صوتية عالية على شكل وثائقيات صوتية، ومسلسلات صوتية تحول أحدها هو Homecoming إلى مسلسل على خدمة أمازون من بطولة جوليا روبرتس واخراج سام اسماعيل.
تلت صفقة جيملت العديد من الصفقات الأخرى، والتي ستعزز مكانة سبوتيفاي في سوق البودكاست. فهناك صفقة أنكور (Anchor). وهي خدمة استضافة مجانية شبيهة بيوتيوب توفر استضافة مجانية لكل من يرغب في دخول عالم البودكاست. كما تسمح أنكور وفي نفس الوقت تسمح الشركة للأشخاص بالتربح من بودكاستاتهم عبر الإعلانات (مع أن هذا الشيء مقصور على الولايات المتحدة في الوقت الحالي).
قامت سبوتيفاي أيضاً بشراء شبكة The Ringer التي تقوم بإنتاج برامج بودكاست موجهة لمحبي الرياضة، كما أن نفس الشبكة تقوم بإنتاج برامج عن الثقافة الشعبية، وهي صفقة تقترب قيمتها 196$ مليون دولار.
أما مؤخراً فقد أعلن البودكاستر والكوميدي الشهير جو روچان أن بودكاسته سوف ينتقل حصرياً إلى منصة سبوتيفاي بنهاية العام الحالي. ولو كنت لا تعلم فإن روچان وبودكاسته الحواري الشهير هو من أكثر البودكستات استماعاً على الاطلاق. كما أن حلقات البودكاست التي تصدر على يوتيوب تحصد ملايين المشاهدات. ويقال أن حجم صفقة روچان وصل إلى 100 مليون دولار موزعة على 3 سنوات.
إن الحرب على البودكاست مازالت في بدايتها، ولكن من الواضح أن سبوتيفاي تهدف إلى أن تكون المكان الأمثل لاستهلاك المحتوى الصوتي، وحتى الآن لم أسمع بصفقات كبيرة مثل التي قامت بها سبوتيفاي، لكنني أشك أن بقية الشركات ستقف بينما تعزز سبوتيفاي من مكانتها في هذا السوق.
الصوت: ساحة الحرب الجديدة
تتسابق العديد من الشركات والشبكات الاجتماعية على سرقة تركيزك أثناء جلوسك في البيت أو في صالات الانتظار. لكن أغلب الشركات مثل يوتيوب، وتويتر، ونتفليكس، تحتاج منك أن تكون جالساً وأن تعطي كامل تركيزك للشاشة. أما في حالة البودكاست فإنك تحتاج إلى التركيز على الصوت فقط، وهو أمر تستطيع القيام به أثناء القيادة، أو المشي، أو الرياضة، ولهذا تعتبر “الأذن” هي الوجهة القادمة للعديد من الشركات.
توجد قلة قليلة من الشركات التي تستطيع أن تدخل مجال البودكاست وتنافس سبوتيفاي فيه، وأولها هي شركة آبل. فشركة آبل ساهمت حرفياً في دفع البودكاست عبر دعمه لسنوات عديدة على أنظمتها وهواتفها الذكية.
لكن الشركة كانت تكتفي بكونها مجرد دليل وساحة اكتشاف أكثر من مجرد منتج للمحتوى، لكن اطلاق خدمة Apple TV Plus في السنة الماضية أثبت أن الشركة لاتمانع في خوض تجارب إنتاج محتوى عالي الجودة، وأظن أن البودكاست مناسب جداً لآبل كونه سيكون أرخص من إنتاج الأفلام والمسلسلات، بالإضافة إلى أن الشركة تستطيع أن تستخدمه كنقطة جذب لخدمة Apple Music.
الشركتان الاخرتان اللتان أرى أنها قد تدخلان هذا المجال، هي نتفلكس وأمازون.
تمتلك نتفلكس خبرة قوية في إنتاج المحتوى، وقد سبق لهم انتاج بودكاستات تدور حول مسلسلاتها، وفكرة وجود قسم للبودكاست في تطبيق نتفلكس على الهاتف الذكي تبدو منطقية جداً، فبعد أن تنتهي من مشاهدة حلقة من مسلسل The Ozarks تستطيع أن تستمع إلى المخرج يتحدث عن الحلقة التي شاهدتها للتو ويذكر بعض التفاصيل التي قد تجعلك تشاهد الحلقة مرة اخرى لتتأكد من هذه التفاصيل بنفسك، ومثل هذه الأمور قد تعزز من ارتباط المشترك بالمحتوى وتجعله يستمر في الاشتراك، كونه يحصل على تجربة متكاملة.
الشركة الثانية التي أرجح دخولها لسوق البودكاست هي أمازون. فبالإضافة إلى إنتاج العديد من المسلسلات والأفلام، فإن أمازون تمتلك Audible وهي الخدمة الأشهر للكتب الصوتية. وهم ينتجون العديد من البرامج الأصلية الخاصة بمشتركي الخدمة، ولكن الخدمة لا تقوم بالترويج لبرامج الكثير والرائعة بشكل كاف، لدرجة أنني اكتشفت أثناء كتابتي لهذه المقالة العديد من الأقسام التي تقدم العديد من البرامج الكوميدية المجانية وكل ذلك بسبب تصميم التطبيق والواجهة السيء.
ماذا عن جوجل؟ لا أظن أن جوجل قادرة على أن تقدم أي شيء في مجال المحتوى. فحتى تجاربهم في إنتاجه مثل YouTube Originals لا تتعدى كونها تجربة، ومحاول لاسترضاء مشاهير المنصة كي لايتركوهم، لذلك فإنني لا أرى جوجل كمنافس في هذا المجال، فهم رائعون في بناء الأدوات والبنى التحتية والمنصات، لكن فاشلون في إنتاج المحتوى.
سوف تشهد الفترة القادمة الكثير من التغييرات في عالم البودكاست وقد يصبح للأسوء كون البودكاست سيتحول من النشر المفتوح إلى النشر المرتبط بالمنصات على غرار مايحدث في نتفلكس وغيرها، ولعلي أكتب عنه في وقت لاحق.